أشارت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى أن عددا من الدول الأوروبية شهد ارتفاعا غير مسبوق في درجات الحرارة خلال فترة الأعياد، مقارنة بأحوال الطقس خلال الفترة عينها في الماضي.
حصل ذلك إثر الهواء الدافئ من شمال غرب أفريقيا الذي جاء إلى خطوط العرض الوسطى. وازداد ارتفاع درجة حرارة الهواء عند عبوره شمال الأطلسي بسبب ارتفاع درجة حرارة سطح البحر عن المعتاد.
وفي شرق شمال المحيط الأطلسي، كانت درجة حرارة سطح البحر أعلى من المعتاد بمقدار 1 إلى 2 درجة مئوية، بالقرب من سواحل أيبيريا.
وتسبب كل ذلك بحرارة قياسية في العديد من البلدان الأوروبية خلال ليلة رأس السنة ويوم رأس السنة الجديدة.
ونقل موقع أخبار الأمم المتحدة أن هذا الارتفاع غير المعتاد حطم الأرقام القياسية وغالبا قلوب عشاق التزحلق على الثلوج في عدد من دول القارة الأوروبية.
وأشار إلى أن عددا متزايدا من منتجعات التزلج الأوروبية، التي تقع في أماكن أقل ارتفاعا عن سطح البحر، لم تتمكن من توفير الغطاء الثلجي الكافي للزوار في ظل ظروف الطقس غير المعتادة.
وقالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، بناء على معلومات علمية من اللجنة الحكومية الدولية المعنية بالمناخ، إن تواتر موجات البرد والصقيع غالبا ما سيقل. وذكرت اللجنة أن التراجع الشديد في الغطاء الثلجي والكتل الجليدية وفترة تساقط الثلوج في الأماكن المرتفعة سيستمر في عالم تزداد درجات حرارته.
ووفق المنظمة العالمية للأرصاد الجوية فإن درجات الحرارة خلال أول أيام العام الجديد ارتفعت إلى أكثر من عشرين درجة مئوية في الكثير من الدول الأوروبية. كما حُطمت الأرقام القياسية لدرجات الحرارة المحلية والوطنية المسجلة في شهري ديسمبر ويناير في أنحاء القارة من جنوبي إسبانيا إلى شرق وشمال أوروبا.
وأرجعت المنظمة موجة ارتفاع درجات الحرارة في أوروبا إلى التقاء نطاق من الضغط العالي فوق منطقة البحر المتوسط، بنطاق من الضغط المنخفض من المحيط الأطلسي. وقد أدى ذلك التفاعل إلى تدفق الهواء الدافئ من شمال غرب أفريقيا.
ووفق اللجنة الحكومية الدولية المعنية بالمناخ، فإن حدة وتكرار عوامل الطقس الشديدة، بما في ذلك موجات الحرارة البحرية، قد ازدادت خلال العقود الأخيرة ومن المتوقع أن تواصل الزيادة، حسب أخبار الأمم المتحدة.
ووفق المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، لوحظت درجات حرارة أعلى من 20 درجة مئوية في العديد من البلدان الأوروبية، حتى في أوروبا الوسطى.
وقبل شهرين، أصدرت المنظمة تقرير حالة المناخ في أوروبا لعام 2021 الذي أفاد بأن درجات الحرارة فوق أوروبا قد ارتفعت بشكل كبير خلال الفترة 1991-2021، بمتوسط يبلغ +0,5 درجة مئوية لكل عقد، وهو أعلى معدل في أي قارة في العالم. وأكثر من ضعف المتوسط العالمي.
ومن المرجح أن يكون عام 2022 هو الخامس أو السادس من بين أكثر الأعوام دفئا على مستوى العالم، حسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
وفي رسم بياني أعدته وكالة فرانس برس، يتبين أن العام 2022 كان أكثر الأعوام سخونة على الإطلاق في بريطانيا، فقد سجلت الأعوام الـ10 الأكثر سخونة بعد عام 2003.
وأشار الخبير الدولي في التغيرات المناخية، خالد التمسماني إلى أن “التغير المناخي يسرع في وتيرة حدوث العوامل المناخية القصوى والمتشددة”.
وقال إن “الأمر لن يقتصر على الشتاء القارس، والعواصف القوية، والفيضانات فحسب كما حصل في الولايات المتحدة الأميركية، بل أن العوامل القصوى ستزيد في كل الفصول، أكان على صعيد الحرائق، أو على صعيد الجفاف أيضا”.
وتابع أن “وتيرة حصول مثل هذه العواصف في السابق كانت نحو كل 5 سنوات، لكن مع التغيرات المناخية المتسارعة ممكن أن تحصل هذه العواصف القصوى مرة أو مرتين في سنة الواحدة”.
“ويؤدي التغير المناخي إلى زيادة وتيرة العوامل المناخية المتشددة. وعلى سبيل المثال، في المغرب كان لدينا جفاف في السنوات الماضية، لكن في أواخر شهر نوفمبر، وخلال شهر ديسمبر، حصل شتاء حاد غير متوقع وعوض الجفاف الماضي”، بحسب التمسماني.
ولفت التمسماني إلى أن “الظواهر القصوى لا تتعلق بالعواصف فحسب، بل تتعلق أيضا بشح المياه والفيضانات، والحرائق في الغابات، وهي كلها تعتبر ظواهر متطرفة”.
وقال إن “الكوارث مرتبطة بالطبيعة الجيولوجية للأماكن، فبعض الجيولوجيات معرضة أكثر أن يحدث فيها فيضانات من أماكن أخرى، فحيث تكون التربة طينية ولا تمتص المياه تتكون الفيضانات أكثر. لذلك تقع المسؤولية أيضا على الذين يخططون للعمران والبنيان، فهناك بعض الأماكن التي يجب أن يمنع فيها البناء لأنها عرضة لفيضانات قوية”.
كوارث العام 2022 المناخية
وأثرت الكوارث المرتبطة بالطقس والمياه والمناخ، بما في ذلك الفيضانات الشديدة والحرارة والجفاف، على ملايين الأشخاص وكلفت مليارات الدولارات خلال العام 2022، مع تصاعد العلامات والتأثيرات الناجمة عن تغير المناخ بفعل الإنسان.
وأشارت وكالة أخبار الأمم المتحدة في تقرير سابق، إلى أن أحداث عام 2022 أكدت مرة أخرى الحاجة الواضحة لبذل المزيد من الجهد لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فالسنوات الثماني الماضية في طريقها لأن تكون أعلى السنوات سخونة في التاريخ.
وستكون هذه هي السنة العاشرة على التوالي التي تصل فيها درجات الحرارة إلى درجة مئوية على الأقل فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي. وتزداد احتمالية اختراق حد 1,5 درجة مئوية الوارد في اتفاق باريس، مؤقتا، بمرور الوقت.
وذكر تقرير أخبار الأمم المتحدة أن غازات الاحتباس الحراري هي أحد مؤشرات المناخ الآن عند مستويات قياسية ملحوظة. وسجل مستوى سطح البحر ومحتوى حرارة المحيطات وتحمضها، أيضا ارتفاعات قياسية ملحوظة.
وألحق عام 2022 خسائر فادحة في الأنهار الجليدية في جبال الألب الأوروبية، مع وجود مؤشرات أولية على حدوث ذوبان حطم الرقم القياسي. واشتعلت أجزاء كبيرة من أوروبا في نوبات متكررة من الحرارة الشديدة. وشهدت المملكة المتحدة رقما قياسيا جديدا في 19 يوليو، عندما تجاوزت درجة الحرارة أكثر من 40 درجة مئوية لأول مرة، وقد صاحب ذلك جفاف وحرائق غابات مستمرة ومدمرة.
وفي شرق أفريقيا، كان هطول الأمطار أقل من المتوسط لأربعة مواسم متتالية، وهي أطول موجة جفاف منذ 40 عاما.
المصدر : صدي البلد